Question

تركيب نص مساميح بالمعروف؟ اهلا بكم في موقع نصائح من أجل الحصول على المساعدة في ايجاد معلومات دقيقة قدر الإمكان من خلال إجابات وتعليقات الاخرين الذين يمتلكون الخبرة والمعرفة بخصوص هذا السؤال التالي : . تركيب نص مساميح بالمعروف؟ وفي النهاية بعد ما قدمنا الإجابة لكم في الأسفل علي سؤالكم تركيب نص مساميح بالمعروف؟ نتمنى لكم النجاح والتفوق في حياتكم، ونرجو أن تستمروا في مواصلة زيارة موقع tipsfull.com وأن تواصلوا الحفاظ على طاعة الله وفعل الخيرات ومساعدة الاخرين.

Answer 1

مساميحُ بالمعروفِ
دراسة وصفية- تحليلية.

ظلّ الشعر عبر التاريخ منهلا من مناهل الثقافة الإنسانية، ومصدراً من مصادرها المعرفية، فكانت له تلك المكانة العالية بين العلوم والفنون وغيرها...، ولم يكن الأمر مقصوراً على زمن بعينه، إذ كان له عند العرب في الجاهلية منزلته الرفيعة، لعب خلالها دورا حيويا في الدفاع عن القبيلة وحمايتها، وإظهار شرفها بين القبائل، ثم ما لبث أن واصل مكانته المتميزة فترة الإسلام، دفاعا عن الأمة الإسلامية، وإشادة بالأخلاق والشمائل المحمدية، وافتخاراً بالرسول عليه الصلاة والسلام، ودفاعاً عنه، ومن أهم الشعراء الذين دافعوا عن العقيدة الإسلامية ( كعب بن مالك، عبد الله بن رواحة، عدي بْن حاتم الطائي، وعباس بْن مرداس السلمي، وأبو سُفْيَان بْن الحارث بْن المطلب، وحميد بْن ثور الهلالي، وغيرهم...)، فها هو حسَّان بن ثابت يفتخر بالنبي-صلى الله عليه وسلم- في كثير من أشعاره، يقول متحدّياً أبا سفيان بن الحارث الذي هجا رسول الله،
هجوتَ محمداً فأجبتُ *** عنه وعند الله في ذاك الجزاءُ
فإن أبي ووالدَه وعِرضي *** لعِرض محمدٍ, منكم وقاءُ
أتهجوه ولست له بكُفؤ *** فشرٌّكما لخيرِكما الفداءُ.
لقد أورد حسان بن ثابت في ديوانه كثيرا من الأشعارالتي تتغنى بشيم الرسول الكريم، وتدافع عن العقيدة الإسلامية، وغيرها من القضايا المرتبطة بقبيلة الشاعر، ونذكر في هذا السياق قصيدته المعنونة ب" مساميح بالمعروف" مناط تحليلنا. فإلى أي حد استطاع خلالها حسان بن ثابت إظهار قيم الإسلام؟ وإلى أي حد برزت منزلة قبيلة الشاعر وميزاتها عن باقي القبائل؟ وإلى أي حد عبرت القصيدة عن التجربة الجماعية؟
إنّ ملاحظة العنوان تبرز لنا دلالات عدة، منها أنّ الشاعر يتحدث بلسان الجماعة، ويفتخر بكون جماعته تتوارث العز والسؤدد وتتصف بصفات إنسانية راقية مصدرها الإسلام، هذا المؤشر يجعلنا نتوقع أن القصيدة تندرج ضمن غرض الفخ، حيث الشاعر سيفتخر بانتمائه القبلي والديني.
لقد أبرز الشاعر في هذه القصيدة مكانة قومه بين القبائل، مؤكدا على مجدهم، وعدم قدرة الغير على مجاراتهم هذه المكانة السامية، مفتتحا قصيدته على غرار الجاهليين بمقدمة طللية، يصف فيها منازل حبيبته التي محت الأمطار آثارها، فلم يبق فيها إلا وتدا منتصبا. منتقلا إلى توجيه الخطاب إلى الخصوم بازدراء واستعلاء، مؤكدا الفرق الشاسع بين جماعته وجماعة خصومه، معرجا على الافتخار بجماعة المسلمين، معددا خصالهم من قوة وشجاعة وصبر على البلاء، واصفا أخلاقهم العالية وشيمهم السمحة، فهم خير جار يستجار، وخير من يسامح ويعامل بالمعروف، مذيلاً قريضه بالافتخار بالأنصار الذين ناصروا الرسول الكريم، واحتضنوا الإسلام.
لقد وظف الشاعر للتعبير عن موضوعه معجما شعريا، تتوزعه ثلاثة حقول دلالية:
- حقل الأطلال: البيداء- المنازل- أسحم- الرامسات – أشعث ماثل- ديار...،
- حقل المجد والأفضلية:مجدنا- هل يستوي – سهيلا- النّدى- مجدا- سؤددا- لنا جبل يعلو...
- الحقل الديني: الفعال- عفاف- مساميح- بالفحش أبخل- نصرنا- آوينا النبي- الحق...
ترتبط هذه الحقول بعلاقة تكاملية، فحقل الأطلال يشكل الارتباط بالقصيدة الجاهلية، وبعزة العرب، وحقل المجد والأفضلية يبرز محاسن قوم الشاعر ومكانتهم بين القبائل، أما الحقل الديني فيظهر القيم الدينية النبيلة التي تتحلى بها قبيلة الشاعر من إحسان ومعروف...، وقد استعمل الشاعر ضمير المتكلم الجمع الذي يعود على قبيلته(مجدنا- تدركنا- سبقنا- شباننا- نصرنا...) بجوار ضمير المخاطب المفرد( أهاجك- أيها الساعي...) الذي رغب من خلاله إظهار عجز الأعداء في الوصول إلى مكانة قوم الشاعر.
أما على مستوى الخصائص الفنية، فقد عجّت القصيدة بصور متعددة أسهمت في إضفاء جمالية على القصيدة، نذكر منها:
- الكناية: طوال الحمائل: طول أجسام وقامة هؤلاء الفتيان، كناية عن صفة الشجاعة.
- التشبيه الضمني: الببيت 5 تشبيه الشاعر الفرق الشاسع بين مكانة قومه الرفيعة ومكانة خصمه الوضيعة بالفرق بين الماء الغزير العذب والماء الراكد والفرق بين الرؤوس والقمم وبين الأذناب والسفوح.
- استعارة مكنية : (شبت الحرب) ، شبه الحرب بالنار وحذف المشبه وترك شيئا من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية. تجر عليها الرامسات ذيولها تشبيه الرياح بالمرأة...
أمّا من جهة اللغة والأساليب، فجاءت لغة القصيدة مكثفة وإيحائية، تمتح من معجم ديني وقيمي، تطغى عليها الجمل الاسمية، وأكثر الأسماء جاءت إما أسماء للجماد أو صفات ونعوت، أما الجمل الفعلية، فتتوزع بين الماضي والمضارع والأمر، ما أعطى للقصيدة بعدها الحركي الانسيابي. أما الأساليب فقد تنوعت بين الخبرية والإنشائية، مع هيمنة للأساليب الخبرية تناسبا مع غرض الفخر الذي يطغى عليها، والأساليب الإنشائية بدورها خرجت عن المعاني التي وضعت لها في الأصل لتدل على معان بلاغية تستفاد من السياق؛ كالسخرية والتوكيد والتحقير والإعجاز...، ومن هذه الأساليب، نذكر:
- أسلوب الأمر: تناول- فأربع.. دلالة على التعجيز والتحقير.
- أسلوب الاستفهام: ألسنا بحلالين: إظهار القوة والشجاعة والعظمة.
- أسلوب الأمر: سل بنا في القبائل: إبراز المكانة.
- أسلوب النداء: أيها الساعي: إثارة انتباه الساعي لما سيذكره الشاعر عن قومه.
أما المستوى الإيقاعي: فالنص نظم على وزن بحر الطويل (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن)، وهو من البحور المتينة التي تتفاعل مع تجربة الشاعر المتسمة بالقوة والشهامة والنبل، وما يتطلبه ذلك من صبر وتحمل وعفة. أما القافية والروي فموحدين، وفي البيت الأول ألحقت العروض بالضرب على سبيل التصريع.
أما على مستوى الايقاع الداخلي، فنجد تكرار بعض الأصوات( اللام والميم...)، وتكرار بعض الألفاظ( مجد...)، بالإضافة إلى توظيف صيغا لغوية اشتقاقية وتضادية وترادفات وجناسات..، من مثل: أبخل/باخل، جبل/الجبال، وتوظيف اسم الفاعل بشكل بارز...، هذا التوظيف أضفى مسحة بيانية وفنية وموسيقية على القصيدة.
تأسيسا على ما سبق، فالقصيدة تعكس تجربة جماعية عبّر من خلالها الشاعر عن افتخاره بقومه، مبرزا أفضليتهم على الأقوام الأخرى، مظهرا مجدهم وبأسهم، مركزا على أهم القيم الإسلامية التي بشر بها الدين الحنيف مثل الأمر بالمعروف والتسامح والكرم والشجاعة، واختتم قصيدته بالتأكيد على الدور الذي أداه الأنصار في نصرة الرسول " ص" والدفاع عن الدعوة الإسلامية ، وقد توسل في ذلك بمعجم يمتح من حقل المجد والفخر والقيم الدينية، وبعناصر بلاغية وأسلوبية وإيقاعية أضفت على القصيدة طابعا جماليا وتأثيريا ومعرفيا.