أهتم نجيب محفوظ في روايته خان الخليلي بالشخصية الرئيسية أحمد عاكف حلل خصائصها النفسية و ذهنية . وتوسع في ضروفها الإجتماعية و مهنية الاجابه هي
أحمد عاكف يُجَسِدُ حالة البطل السيئ بجدارة. فهو كارهٌ لرتابة حياته, ناقمٌ على حظه العاثر, حاقدٌ على كل المتفوقين والموسرين. ثقته في نفسه معدومة, ويدور في ذهنه حوار داخلي عميق يعكس هذا الشعور من الرثاء للذات والغيظ من عناد الحياة وتحالف الظروف والأقدار ضده. إذ اضطرته حادثة إحالة أبيه للتقاعد ألا يستكمل تعليمه, وأن يكون هو عائل الأسرة ومن يتولى الإنفاق على شقيقه الأصغر رشدي ريثما يُتِّم تعليمه. وينتهي الحال بالأستاذ أحمد عاكف موظفًا منسيًا بوزارة الأشغال ويصل لسن الأربعين دون زواج. تسيطر عليه حالة الشعور بالاضطهاد لظنه أنه عبقري لا يجد التقدير لمواهبه ونبوغه. يصرف سنينًا طوالًا من وقته في قراءة الكتب التراثية ويظن نفسه مثقفًا مطلعًا وأديبًا موهوبًا. صورةُ نمطيةُ لمن يحسبون أنفسهم مثقفين فقط لمجرد قرائتهم بضعة كتب متفرقة لا يعرفون غيرها. تنهش نفسه غيرةٌ قاسيةٌ تجاه أصحاب الوظائف العُليا ولا يتورع عن إخفاء حقده عليهم بإدعاء أن منهم من زاملوه في الدراسة وكانوا من الخائبين لولا أن لهم صلات القرابة والنفوذ التي يسرت وصولهم لأعلى الوظائف. يحاول دراسة القانون ولكنه يفشل في اجتياز الامتحانات فيعزو ذلك لظروف مرضية وصحية. يشرع في كتابة مقالات يُرسلها لبعض المجلات التي تتجاهلها ولا تنشرها, لتلتهم نفسه أعراض المرارة والضيق ضد من لا يُقَدِرون قيمة موهبته الأدبية العظيمة.
“فلما أُجبِرَ على الانقطاع عن الدراسة أصابت آماله طعنة قتَّالة دامية. ترنح من هولها واجتاحته ثورةٌ عنيفةٌ جنونيةٌ حَطَّمَت كيانه فامتلأت نفسه مرارةً وكمدًا, ووقر في أعماقه أنه شهيدٌ مضطهدٌ وعبقريةٌ مقبورةٌ, وضحيةٌ مظلومةٌ للحظ العاثر, وما انفك بعد ذلك يرثي عبقريته الشهيدة ويحتفل بذكراها لمناسبةٍ ولغير مناسبةٍ. يشكو حظه العاثر ويعدد آثامه. حتى انقلبت شكواه فصارت هوسًا مرضيًا.”
“وانكسر عن محاولاته مُحَطمَ النفس مطعون الفؤاد. لقد تآمر عليه سوء الحظ ـ عدوه القديم ـ وخبث طوايا النفوس ولؤم الطباع. فلم يساوره شكٌ في قيمة مقالاته الأدبية بل ظنها خيرًا مما بدأ به المنفلوطي نفسه وما يتيه به كثير من المعاصرين ولكنه سوء النفس و فساد الطوية. وتبددت الأحلام جميعًا! ألا ما أضيق العيش وما أظلمه ! ”
” هكذا تلوثت عواطفه بتمردٍ ثائر وسخطٍ خبيثٍ وكبرياء حنقٍ, واعتدادٍ كاذبٍ بمواهبه, مما جعل حياته عذابًا متصلًا وشقاءً مقيمًا.”